محمد العراقي عضو نشط
عدد الرسائل : 182 العمر : 33 العمل/الترفيه : النت نقاط : 0 تاريخ التسجيل : 24/11/2007
| موضوع: ابن البلوط (قصة عجيبة) السبت ديسمبر 01, 2007 9:09 am | |
| كم هو عجيب هذا الرجل...!! يلبس معطفه الطويل الأسود....وقبعته السوداء....ووشاحه الأسود....ليمشي بين طرقات المدينة القديمة...
التي بالكاد تتسع دروبها لشخص واحد فقط !!
حتى يخرج من أسوار المدينة .... ليجلس فوق تلك التلة .....التي لاتحوي من معالم الحياة سوى شجرة بلوط كبيرة ....
يدعي أنها أمه !!!
ويظل تحت شجرة البلوط متكئاً ....حتى يولد الفجر الجديد...ليقف ويحتضن شجرة البلوط ويهمس لها بكلمات ...ثم يعود لمنزله......
هكذا ...كل ليلة ..!!!
وفي إحدى ليالي الشتاء القارصة...
وبينما هو متكئ على شجرة البلوط محدقاً في سمائها ....جامدُ لا حراك به...
فإذا بصوت خطى تقترب منه ...إلتفت إليها...فإذا هي فتاة تحمل بين يديها حطب وتبحث عن مشعل !!
إقتربت منه وسألته :- هل أجدك معك مشعلاً كي نوقد هذا الحطب؟
فقال :- نوقد ...؟؟ من ....؟؟
فقالت :- لايوجد أحداً هنا سوانا ..أنا وأنت ...!!
فأخرج من جيبه مشعلاً وأوقد لها الحطب ثم عاد يتكئ على شجرة البلوط مرة آخرى...
ومرت لحظات صمت ....ملّت منها الفتاة فسألته
الفتاة :- الجو بارد أليس كذلك ..؟
الرجل :- جداً ...
ثم إستدرك الموقف وخلع معطفه وأحاطه بجسدها النحيل وعاد يحدق في سماء الشجرة مرة آخرى !!
الفتاة :- شكراً لك ..لقد أسـ..... وبهتت وهلة ...وغصت ببقية الجملة !!!
فقد كان صدره العاري مليء بجراح ما فتئت تسيل !!!
سألته :- ما هذه الجراح ؟؟
نظر إليها :- .........
كانت مصّرة لكي يجيب على سؤالها فكررت سؤالها ..
الفتاة :- ما هذه الجراح !!!!
فأجابها :- ما هذه إلا عقرب في صدري تلدغني بين فترة وفترة ....
سألته :- عقرب.؟؟؟ في صدرك !!!!
الرجل :- يضحكني ألم كثير من الناس حينما يسهُل علاجه ... ويبكيني ألمي حينما أجده يولد في داخلي...ويجرحني من عمق ذاتي....ولا أستطيع تطبيبه !!
الفتاة :- حتماً هناك علاج لهذه العقرب !!
الرجل (مبتسماً) :- ما كل (آسف) تغفر ذنب قائلها ....إشتدت نبرة صوته...
الرجل :- أنظري لهذه النار...كانت منذ قليل حطب بارد...وبعد قليل ستصبح رماداً...
فمن سيعيدها حطباً باردة ؟؟؟؟ أنظري لهذه النار ....من يصدق أن الحطب البارد أصبح ناراً تتأجج الآن !!
ثم هدأ قليلاً...وأخذ يحدق لشجرة البلوط مرة آخرى ...وقال في نبرة لامبالاة ...
الرجل :- من سيطبب جراحات قلب..حولته النساء ...لعقرب لايستكين في صدري !!!
الفتاة :- إذن هو الحب...؟
الرجل بصوت يكاد أن يكون همساً :- بل هي لعنة الحب.....!
وسقطت من عينه دمعة .... لمعت فيها صورة المحيط..... فإحتوت هذه الدمعة الصغيرة إنعكاس النار والفتاة والأفق الأسود
فنهض ليحتضن شجرة البلوط بشدة ...حتى شرب لحائها من دموعه وأنفاسه الحارة تخترقها !!!
وأخذ يهمس لها بكلمات لم تسمعها الفتاة....ثم جلس مرة آخرى...
ومرت لحظات صمت مخيفة.....
وقالت له :- آسفة...لم أقصد أن .....
قاطعها : (( وهل تقصد الظلال أن تختبئ من الشمس ؟؟ أم أن الشمس تقصد حرقها ؟ ))
الفتاة :- ........
الرجل :-أنظري لشجرة البلوط هذه.....هل سترويها الأمطار...وقد إعتادت عروقها على أدمعي...ولحائها على دمي ؟؟؟
ونهض الرجل....
ونظر لشجرة البلوط مرة آخرى ...ثم هم بالرحيل...
إلا أن الفتاة إستوقفته ...
الفتاة : معطفك ؟
الرجل :- أملك بكل يوم معطف أسود جديد .. دعيه ...فأخيراً أصبح أملاً....إذ أنه دفء لك !!
الفتاة :- هل لي بمعرفة إسمك ؟
الرجل :- أنا إبن البلوط...
الفتاة (بخجل) :- هل سأراك مرة آخرى ...؟
وإبتسم الرجل إبتسامة صفراء....
وقال لها :- إسألي البلوط...
ورحل....
وأخذ يتمتم بصوت ربما سمعته الفتاة (( عجباً للنساء...حتى مشاعر الشفقة تصبح حباً !!))
وما أن هبط من التلة ...
حتى إلتفت لشجرة البلوط ....
ورفع يديه وأمسك بقبعته السوداء بحركة مسرحية ...وقال
الرجل :- (( أماه...كل الناس...وكل الشخصيات من حولي...حتى التي تباغتني.....مكشوفة !!
أماه...هل البشر أغبياء جداً...كي أصبح بهذا الذكاء؟؟؟
أم أن خبراتي أصبحت مستلهمة من نفس الموقف..!!!))
وعاد لمنزله مرة آخرى...
وهو يترنم بأغنية حزينة ...(عقرب صدري...لسعني يا يمه.....من يداوي الملسوعين )
| |
|